تسلُّم الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة مقاليد السلطة حصل في اجواء غير مسبوقة في تسلم الرئاسات في التاريخ الاميركي ، حيث احتلت التظاهرات ضد هذا الرئيس المثير للجدل في نفس وقت ادائه القسم حيزاً مهماً من المشهد، وحدثت “اعمال شغب” ومواجهات مع الشرطة واعتقل العشرات، فيما يتحدث خبراء انه لم يحدث ان تسلم رئيس اميركي السلطة وهو في شعبية متدنية من هذا المستوى.. يقف دونالد ترامب امام تحديات صعبة في عهده داخليا وخارجيا، وهو امام تحد اساسي هو تجاوز هذه المعارضة الشعبية له وامام تحد آخر هو تطبيق وعوده الانتخابية التي يقول العديد من المتابعين انها كانت ذات سقف عال ربما يجعلها صعبة التطبيق بشكل كامل.
ويأخذ معارضو ترامب عليه انه اتبع خطابا عنصريا ضد فئة غير قليلة في المجتمع الاميركي كما ان من اسباب المظاهرات ضده اثر فوزه المفاجئ كان التشكيك بهذا الفوز الذي يبقى رغم ذلك امراً واقعاً على الصعيد الدستوري ونتيجته تولي ترامب اليوم السلطة لاربع سنوات واداؤه القسم الدستوري.
ويبدو ان من مظاهر عدم تقليدية هذا التنصيب من حيث ظروفه انه تم فرز 28 ألف عنصر أمن لحماية الحفل . وبعد اداء اليمين تعهد ترامب في خطاب تنصيبه بان رؤية “اميركا فقط اولا” ستحكم جميع قرارات الولايات المتحدة من الان فصاعدا ، مضيفا “سنواجه التحديات وسنتحدى الصعوبات لكننا سننجز العمل”.
واضاف ترامب “من اليوم فصاعدا فان رؤية جديدة ستحكم بلادنا. من هذا اليوم فصاعدا ستكون اميركا فقط اولا”. وقال “اليوم نحن لا ننقل السلطات من ادارة الى اخرى او من حزب الى آخر لكننا نقوم بنقل السلطات من واشنطن لنعيدها اليكم. الى الشعب”.
وفي ما يشبه الوعود الانتخابية السابقة العالية السقف التي تنتظر التنفيذ الفعلي قال ترامب في خطاب القسم “معا سنجعل اميركا قوية مرة اخرى. سنجعل اميركا ثرية مرة اخرى. سنجعل اميركا فخورة مرة اخرى. سنجعل اميركا آمنة مرة اخرى. نعم معا سنعيد الى اميركا عظمتها مرة اخرى”.
ومما جاء في خطابه “الاميركيون يريدون مدارس عظيمة لاطفالهم واحياء امنة لعائلاتهم ووظائف جيدة لهم. ان هذه هي المطالب العادلة والمنطقية لشعب على حق، لكن بالنسبة للعديد من مواطنينا هناك واقع مختلف امهات واطفال يحاصرهم الفقر في مدن الداخل ومصانع ضربها الصدأ منتشرة مثل شواهد القبور في جميع انحاء بلادنا ونظام تعليمي يمتلك الكثير من المال ولكن يترك شبابنا وطلابنا الرائعين محرومين من المعرفة. والجريمة والعصابات والمخدرات التي سرقت حياة العديدين وحرمت بلادنا من الكثير من المقدرات غير المستغلة.
وفي ملف السياسة الخارجية اكد انه سيعزز التحالفات القديمة وانه سيشكل اخرى جديدة مبديا تصميمه “على القضاء على الارهاب “.
يغادر باراك اوباما الذي كانت له سياسة داخلية اقتصادية انقذت البلاد من ازمة مالية كبرى، ولكن على الصعيد الخارجي حملت سياسته توجهات اججت النيران في منطقة الشرق الاوسط.
يترك اوباما البلاد لخلفه وهي في حالة انقسام يهدد بما هو اعظم ، وبحسب فرانس برس اظهرت دراسة لمركز بيو للابحاث نشرت الخميس ان 86 بالمئة من الاميركيين يرون ان البلاد تشهد انقساما اكبر من الماضي. وكانت هذه النسبة تبلغ 46 بالمئة عند تولي اوباما الرئاسة.
هل تتفاقم الانقسامات وتزداد المواجهات في الشارع والتي بدأت ضد انتصار ترامب بحيث تستمر ضد سياسات ترامب ام انه سيثبت انه قادر على اخراج البلاد من الانقسام الداخلي عبر سياسات شعبية؟.
كثير من الصحف ووسائل الاعلام ابدت القلق من مراحلة ما بعد تسلم ترامب لا سيما لجهة التحركات الشعبية اضافة الى تباعده مع وكالات الاستخبارات . وعلى سبيل المثال عنونت صحيفة الأوبزرفر في افتتاحيتها “نحن محقون في الخوف من تسلم ترامب الرئاسة”. وقالت إنه إذا كانت لحظة الاحتفال بتنصيب الرئيس في الولايات المتحدة تمثل في العادة لحظة أمل عظيمة واحتفالا بالديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة وتأكيدا للمثل والقوانين التي وضعت في الدستور الأمريكي عام 1789، فإن الاحتفال بتنصيب ترامب، ليس لحظة طبيعية، واصفة إياها بأنها “لحظة فزع وقلق”.