وكالة النخيل الاخبارية

الأربعاء ٢ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ | 2025/04/30
تويتر
فيسبوك
انستقرام
يوتيوب
تلغرام
Rss

الحشد الشعبي درعُ العراق الحصين وحُصنُ العقيدة الراسخ

الحشد الشعبي درعُ العراق الحصين وحُصنُ العقيدة الراسخ

✍️ الأستاذ جاسب المحمداوي 

 

إن الحديث عن الحشد الشعبي ليس مجرد استذكارٍ لمؤسسةٍ عسكريةٍ خاضت معارك المصير، بل هو استحضارٌ لملحمةٍ خالدةٍ سُطِّرت بدماء الشهداء، وتاريخٍ مجيدٍ كتبته سواعد المجاهدين الذين هبّوا من كل فجٍّ استجابةً لنداء الحق، فكانوا جند الله في الأرض، وسيوف الحق المسلولة في وجه الطغيان والإرهاب.

لقد شُكِّل الحشد الشعبي بفتوى مباركة، لا بقرار سياسي ولا بمصلحة وقتية، بل بنداء المرجعية التي استنطقت ضمائر الأحرار في عراق علي والحسين، فاندفع رجال الله يحثّهم اليقين، لا يطلبون دنيا ولا يبتغون مقامًا، بل نذروا أرواحهم فداءً لعقيدتهم، وسطروا ملاحم لا يدانيها إلا ما سجّله الأوائل من فتوحاتٍ ومواقف خالدة.

#الحشد الشعبي: العقيدة قبل البندقية

لم يكن الحشد الشعبي مجرد كتيبة مقاتلة، ولا فصيلًا ينخرط في صراعات السياسة، بل هو جيش العقيدة والإيمان، جاء دفاعًا عن الأرض والعِرض، واستجاب لنداء المستضعفين حين تخلّى الآخرون، فأوقف زحف التكفيريين، وأجهض مؤامرات الطغاة، وجعل من جسده سورًا يحمي العراق من السقوط في مستنقع التقسيم والتبعية.

حين تهاوت الجيوش، وسقطت المدن، وانكشفت عورات الساسة المتخاذلين، خرج الحشد من المحراب والمآتم، من ساحات العزاء، ومن مآذن المساجد، من بين أزقة الفقراء وبيوت الكادحين، من سواد العباءات ومن صبر الثكالى، خرج وهو يحمل بيعة الدم للحسين، ولا يرى في الدنيا ثمنًا لدمائه إلا نصرًا مؤزرًا أو شهادةً في سبيل الله.

في كل معركة، أثبت الحشد أنه ليس جيشًا عاديًا، بل مدرسة في الولاء والعقيدة، فهو لا ينسحب، ولا يضعف، ولا ينهزم، لأنه لا يقاتل لحساب شخص أو حزب أو طائفة، بل يقاتل لحساب العراق، وحساب الرسالة، وحساب الدم الطاهر المسفوك في كربلاء.

#دماء الشهداء: حجةٌ على المتخاذلين

إن من يجرؤ اليوم على حرمان الحشد الشعبي من حقوقه المشروعة، وعدم تشريع قانونه، والتعامل معه وكأنه قوة مؤقتة، إنما يخون دماء الشهداء، ويطعن تضحيات الأبطال، ويقف في خندق أعداء العراق. فمن يريد أن ينكر فضل الحشد، فلينكر إذن تحرير الموصل، وجرف الصخر، وبيجي، والفلوجة، وآمرلي، وتلعفر، وحدود العراق المترامية.

هل نسي هؤلاء كيف كان العراق يقف على حافة الهاوية، وكيف كان الموت يحصد الأبرياء في الأسواق والمدن؟ هل تناسوا كيف سقطت المحافظات واحدة تلو الأخرى؟ ألم يكن لولا الحشد الشعبي لكانت بغداد نفسها في قبضة السواد الداعشي؟

كيف يستسيغ البعض نكران تضحيات الشباب الذين تركوا أهاليهم، ونذروا أرواحهم، وسقوا أرض العراق بدمائهم الطاهرة؟ كيف يهون على البعض محو أثر الأبطال الذين استشهدوا عطشى كما استشهد جدهم الحسين، الذين سقطوا صائمين، الذين صلّوا في وسط المعركة، الذين أوصوا قبل استشهادهم أن لا يُنزع عنهم كفن المعركة؟

#الحشد الشعبي: هويةٌ لا تُمحى

الحشد الشعبي ليس مجرد تشكيل عسكري، بل هو هويةٌ مغروسة في وجدان العراق، وخطٌ أحمر لا يُمكن تجاوزه.

من يحاول اليوم مصادرة حقوق المجاهدين الذين ضحّوا بأغلى ما يملكون، والتلكؤ في إقرار قانونٍ يضمن لهم حياةً كريمة، إنما يسعى لهدم السور الذي يحمي العراق من السقوط في قبضة الإرهاب من جديد.

#دماء الأبطال ليست عبئًا، بل وسامٌ على صدورنا

نقولها بوضوح، وبصوت الحق الذي لا يخشى الجبابرة: لن يكون هناك تفريط في حقوق من حفظوا العراق، ولن يكون هناك نكران لدماء الشهداء، ولن نسمح بالتخاذل في تشريع قانونٍ ينصف الأبطال الذين لولاهم لما بقيت هذه الأرض آمنة.

فمن يظن أن الحشد الشعبي مجرّد مرحلة طُويت صفحاتها، فهو واهم، ومن يتصور أن هذه الدماء يمكن أن تُنسى، فهو لم يقرأ تاريخ العراق، ولم يدرك أن هذه الأرض لا تُحكم إلا بالمبدأ، ولا تُحمى إلا بالعقيدة، ولا تُصان إلا بالسواعد التي أقسمت أن تبقى درعًا حصينًا في وجه كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن العراق وسيادته.

#الحشد الشعبي: الجيش الرديف للجيش العراقي

إن الحشد الشعبي ليس قوةً بديلةً عن الجيش العراقي، بل هو الجيش الرديف، القوة التي نهضت حينما كان العراق ينزف، والسند الذي وقف إلى جانب إخوانه في الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى ليشكل معهم سورًا منيعًا لا يُخترق.

لا أمن للعراق بلا حشد، ولا استقرار بلا أنصاف الرجال الذين ضحّوا من أجله. فمن يريد عراقًا قويًا، عليه أن ينصف من دافع عنه، ومن يريد وطنًا حرًا، عليه أن يحترم من روى أرضه بالدماء. أما المتخاذلون، فالتاريخ سيلعنهم، ولن يرحم من خان الأمانة وباع دماء الشهداء بثمنٍ بخس.

تعلیقات الزوار
ارسال تعلیق