وكالة النخيل الاخبارية

الأربعاء ١٢ جمادى الثانية ١٤٤٧ هـ | 2025/12/03
تويتر
فيسبوك
انستقرام
يوتيوب
تلغرام
Rss

عاد... ولكن لا يعود!

عاد... ولكن لا يعود!

 

✍️ جاسب المحمداوي 

وكالة النخيل الإخبارية 

عاد مصطفى الكاظمي إلى العراق، لكنه عاد بلا تأثير، بلا هيبة، وبلا قيمة سياسية حقيقية. ظنَّ أن بإمكانه أن يعود إلى المشهد وكأن شيئًا لم يكن، متناسيًا أن الرجال لا يُصنعون بالمناصب، ولا تُفرض عليهم الهيبة بالقوة، فالتاريخ لا يرحم الضعفاء، والسياسة لا تحترم من لم يكن له موقف ولا قرار.

 

حُكم الصدفة والكرسي الثقيل

 

لم يكن وصول مصطفى الكاظمي إلى منصب رئاسة الوزراء إلا محض صدفة، فرضتها ظروف المرحلة، وصراعات القوى السياسية التي وجدت فيه خيارًا سهلاً، شخصًا يمكن التحكّم به، وتوجيهه كيفما شاءوا. لم يكن صاحب مشروع، ولم يكن لديه رؤية واضحة، بل كان مجرد شخصية رمادية، تفتقد إلى الكاريزما والقدرة على اتخاذ قرارات حاسمة.

 

منصب رئيس الوزراء في العراق ليس منصبًا تشريفيًا، بل هو موقع حساس يتطلب شخصية قوية، قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية، والوقوف في وجه العواصف السياسية التي لا تهدأ في بلد مثل العراق. لكنه لم يكن كذلك، بل كان أشبه بمن يجلس على كرسي أكبر منه بكثير، عاجزًا عن إدارته، غارقًا في حسابات ضيقة، وخاضعًا لضغوط من كل الجهات.

 

ضعف الشخصية والتردد القاتل

 

المشكلة لم تكن فقط في أنه جاء إلى الحكم بالصدفة، بل في كونه لم يكن مستعدًا لهذه المسؤولية. كان مترددًا، متخبطًا، لا يمتلك الجرأة الكافية لاتخاذ القرارات المصيرية. لم يكن لديه حضور قوي، ولم يكن رجل المواجهة، بل كان يميل إلى الهروب من الأزمات بدلًا من مواجهتها. كان يُكثر من الكلام، يطلق التصريحات الرنانة، لكنه عندما تحين لحظة الفعل، كان يتوارى خلف الأعذار والمبررات.

 

في كل مرحلة صعبة، كان يثبت أنه ليس الرجل المناسب للمهمة، وأنه لا يستطيع الصمود أمام التحديات الحقيقية. لم يكن قائدًا، بل تابعًا، يتحرك وفق إملاءات الآخرين، وينتظر التعليمات بدلًا من أن يصنع الأحداث بنفسه.

 

سقوط القناع

 

حاول أن يظهر بمظهر القائد الحكيم، الذي يسعى لإصلاح الأوضاع، لكنه لم يكن سوى واجهة ضعيفة، سرعان ما تكشّف ضعفها أمام الجميع. الشعب العراقي لم يكن بحاجة إلى من يرفع الشعارات، بل إلى من يعمل بصدق، ويواجه الفساد والتحديات بشجاعة، لكنه لم يكن من هذا النوع.

 

لقد سقط قناعه سريعًا، وانكشف للجميع أنه لم يكن أكثر من مرحلة عابرة، صفحة طواها الزمن، بلا إنجازات تُذكر، بلا أثر حقيقي، وبلا أي قيمة قيادية. رحل عن المنصب كما جاء إليه: بلا ضجيج، بلا موقف، بلا بصمة واضحة في التاريخ السياسي للعراق.

 

العودة المستحيلة

 

واليوم، بعد أن انتهى دوره، وبعد أن خرج من المشهد، يحاول العودة مجددًا، وكأنه لم يتعلّم شيئًا. يريد أن يعود لمنصب لم يكن أهلًا له منذ البداية، لكنه ينسى أن العراق تغيّر، وأن الشعب أصبح أكثر وعيًا، ولن يسمح لمن أثبت ضعفه أن يتحكم بمصيره مرة أخرى.

 

العودة إلى السياسة ليست مجرد قرار شخصي، بل تحتاج إلى شرعية شعبية، وإلى ثقة تُبنى على أساس الإنجازات والقدرة على القيادة، لكنه لا يمتلك أيًّا من هذه المقومات. لقد فقد ثقة الجميع، وأثبت أنه لم يكن أكثر من مرحلة مؤقتة انتهت بلا رجعة.

 

رسالة إلى العراقيين

 

هذه رسالة لكل العراقيين: لا تدعوا من لم يكن قويًا في الحكم يعود ليقرر مصيركم مرة أخرى! لا تسمحوا لمن جلس على الكرسي بلا قدرة على القيادة أن يعود ليكرر فشله من جديد!

 

السياسة لا تحتمل التجارب الفاشلة، والمناصب ليست لمن يبحث عن المجد الشخصي، بل لمن يستطيع أن يحمي البلاد ويدافع عن مصالح الشعب. العراق بحاجة إلى قادة حقيقيين، لا إلى شخصيات ضعيفة، لا تستطيع حتى أن تدافع عن قراراتها.

 

عاد الكاظمي... ولكن لا يعود!

تعلیقات الزوار
ارسال تعلیق